الخميس، 4 فبراير 2010

في ليل غزة

قضينا أيامنا .. مع شباك ورقي ! و بيت مغلف مقفل بإحكام لا يصدر منه أي حركة أو صوت , كتابوت موتى من خشب شجر الزيتون في حديقة البيت الخلفية ,التي لم تسقى أسابيع متتالية !!
نستمع لسكوننا !
نتغذى على جوعنا !
ونشتاق لرؤية الخيال الممتد امامنا في الشارع وسط الظهيرة التي لم تختلف عن المساء والصباح لا لونا ولا مضمونا !
شكوانا ..! مكتوبة على جبيننا ومرسومة في عيوننا المحاطة بهالات سوداء بغيضة !
تجبرنا على الهرب من المرآة وتزيد ارقنا وتمحو النوم والسكينة من قاموسنا الفارغ الذي لم يعد يشمل سوى
" الجوع عكسه الشبع , و المشي عكسه الجلوس , والحزن عكسه الحزن والدمعة عكسها الدمعة .. والنعاس والتعب متشبثان ببعضهما دون اضداد ! "
استمع لنحيب اخي الصغير كإحدى معزوفات بتهوفن النادرة ..
تتسلل إلى مضجعي الملاصق له , بكل حذر خوف ان تخترق الشباك الورقي الذي يتجمع زجاجه اسفل الحائط جراء الغارة الاخيرة التي وقعت خلف جبل الصمود الذي يتربع منزلنا بعد كيلو متر واحد عنه !
فأرمي بهمومي و دمعتي المعلقة على خدي على مخدتي المبللة والباردة
تسعفني فرشاتي الزاهية لارسم بسمة على وجهي
انتقل بها الى الصغير بجانبي كلوحة بدون اي مشاعر ,, واقول
" حسام حبيبي , هادا رعد يللا نام هيني جنبك !"
فيخترق رده الممزوج بالأسى لوحتي المعظمة ويمحوها من الوجود مجددا " انتي بتضلي تكذبي عليا ! سمعت بابا وهوا بقول لازم نطلع من البيت بسرعة لان الخطر قرب منا "
فأتمنى في هذه اللحظة أن تنشق الأرض وتبتلعني كما فعلت بمن لا يتمنون ذلك قبلي !
حتى اهرب من نظرات الصغير القاتلة فلا أجد في قاموسي كلمات ! ولا في جسدي احاسيس مطمئنة انقلها له .. لا أجد سوى ذراعان منهمكان يحطيان به وينقلانه إلى قلبي واضغط عليه بقوة واضمه علّنا نجد بعض الدفء معا .. صغيري دائما يبحث عن الحنان والأمان ..
نعم فهو طفل ! لم يحظى بما يكفيه .. وأنا ايضا احتاجه !
فأنا اكبره ثمان سنين لا تسمن ولا تغني من جوع .. رافقتني فيها الحاجة الملحة إلى الحنان دائما ! فما حال الجسد الذي احيط ذراعي حوله ! يرتجف من شدة الخوف , يكتم انفاسه كي لا يظهر لي بكائه !
لا يريد ان يريني انه ضعيف ! بالله عليكم انه في الخامسة من عمره ! بربكم ما ذنبه بهذا !
ولو هان هذا ! كيف له ان يعتبر بكاءه ضعفا ! ويخفيه عني ..!

ما ان تطل الشمس التي اكاد انسى لونها ومطلعها الا ونعيد شريط البارحة كأننا نمثل دورا ونعيده مرارا حتى نتقنه !

ليست هناك تعليقات: